بعد انقطاع مدة لا بأس فيها عن الكتابة في موقعنا أحببت العودة لأرى العيد بعيون أخرى منسية ولا ينتبه لها إلا قلة ولذلك ملأت قلمي من حبر القلب ودموعها ناسيا فرحة لقاء الأحبة وطعم الحلوى ونكهة القهوة وحرارة الدفء وحنان المصافحة وقدسية التكبيرات وحمر الدماء من قرابين الأضاحي وغفران الله تعالى لضيوفه في البلد الحرام وأردت الكتابة عن عيون أخرى للعيد :
عيون ذرفت دمعة ساخنة فوق تربة قبر حديث السكن خلال قراءة الفاتحة وهي تتألم لفراق عزيز غال مستسلمة لحكم الله وقدرية الموت وهي تشعر بالوحشة والعذاب لموت الغالين عليها.
عيون داخل السجن حرمها خطؤها من رؤية الأهل وهي تعيش برودة الزنزانة وألم الندم على مافعلت منتظرة حارس المهجع ليقول : فلان بن فلان .... زيارة ولكن لم يأت أحد فمضغ حزنه والتف بعقوبته واستسلم لبقية المحكومية غير آبه بمرور العيد .
عيون في الغربة وراء البحار وخلف الحدود أجبرتها لقمة العيش الكريم على الهجرة وترك الأحبة وتراب الوطن وهي تتمنى لو أن بساط الريح حملها على أجنحة الشوق وحط بها في بيت الأهل ليراهم دقيقة ويلقي تحية العيد فيطفئ لواعج الشوق ونار الحرمان متمنيا لو كانت لقمته في وطنه ولكن وطنه نسيه فصارت الغربة وطنا إجباريا وأصبح الوطن الجميل منفى اختياريا .
عيون في الوطن تنظر بعطش ولهفة لتهاجر للخارج وهي تظن أن النعيم هناك وأن الأحلام الوردية تتحقق خارج الحدود فتنظر للحقائب وجواز السفر وكأنه المنقذ من اليأس والمنتشل من الفقر وتعد الخطوات على أعتاب السفارات علها تحظى بفرصة أو مقاول تهريب البشر إلى المجهول فلا تشعر بمرور العيد .
عيون تحس بفراغ الجيب وصقيع الحاجة ومرارة العوز فتؤجل لعبة الطفل وكنزة الشتاء ومتطلبات العيد وتكتفي باليسير وهي تمسح دمعة طفلة أبردها كانون ولم يزرها اللباس الجديد وجافاها حلو العيد ونغمة مزمار اللعبة ورنين قروش العيدية فمر العيد كغيره وهي تذرف دمعة الشكوى من تكسر الأحلام وضيق ذات الجيب وسراب الوعود الكاذبة من غد أفضل .
عيون زوجين لا ينجبان وقد يئسا من العلاج فاستسلما لإرادة الله التي دبت فيهما العقم وهما يتمنيان لو كان لهما مولود يملأ عليهما البيت ويناغيهما بكلمتي بابا ماما وهما يريان أولاد الجيران يملئون الشارع والأراجيح وأحضان الوالدين .
لهذه العيون ومثيلاتها كتبت عل القراء يتذكرونها وهم غارقون في نعيم العيد عساهم يرسمون قبلة صادقة عليها تخفف حزنها أو تدعو لها دعوة صادقة بالفرج من الله تعالى فكم ننسى في نشوة فرحنا أحزان الآخرين!!! .